[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]طالما شددت الأجيال السابقة على أهمية القراءة والتثقيف، و حرص الآباء
على تدريب الأبناء على تعلم مهارات القراءة منذ الصغر، فمن من الآباء لا
يحرص على إلحاق أبنائه بالدراسة منذ نعومة أظفارهم مهما كانت ظروفه
المادية؟ ومع ذلك، قد يضطر بعض الآباء لمنح الأولوية والقدر الأكبر من
الاهتمام لأمور أخرى غير القراءة، فمنهم من يشدد على أهمية التفوق الدراسي
بهدف الحصول على مستقبل مهني أفضل، ومنهم من يرى أن استثمار الوقت في تعلم
الرياضات قد يأتي بنفع أكبر.
تقتصر القراءة عند بعض المراهقين على مطالعة الكتب الدراسية، وتنتهي
العلاقة بالقراءة أحيانا مع انقضاء فترة الدراسة، فالغالبية العظمى من
المراهقين يستغلون وقت الإجازة الصيفية في التنزه ومقابلة الأصدقاء والسفر،
متجاهلين متعة القراءة وما تأتي به من نفع مباشر على توسيع المدارك
ومضاعفة القدرة على فهم مجريات الأمور.
ومع تغير إيقاع الحياة والاعتماد المستمر على الأجهزة الإلكترونية في
تسيير أمور الحياة والقيام ببعض المهام الأساسية التي كان من التقليدي أن
يؤديها الفرد منا بنفسه، باتت مطالعة الكتب الورقية من العادات البالية. لم
تعد القراءة مقتصرة على الكتب الورقية، فمطورو البرمجيات يتبارون في
الخروج بتطبيقات تتيح القراءة بسهولة وسرعة تفوق ما تقدمه الكتب بصورتها
التقليدية، فالجوالات الذكية والحواسب اللوحية الآن تقدم لمستخدمها إمكانية
قراءة الكتب وتحميلها عبر الإنترنت، مما أدى إلى التراجع الملحوظ في
الإقبال على الكتب الورقية.
قد يتساءل البعض عن أبرز مميزات القارئ الإلكتروني التي قد تؤدي يوما ما
إلى اندثار الكتاب التقليدي، وردا على هذا التساؤل فإن القارئ الإلكتروني
يمتاز بحجمه الصغير وسعته التخزينية الهائلة التي تتسع لقدر هائل من الكتب
والمراجع، علاوة على إتاحته الترجمة عند اللزوم، ناهيك عن أشكاله الجذابة
والعصرية.
مع الإقبال المتزايد على استخدام الإنترنت والاستعانة به كبديل للبحث
التقليدي، أصبح الاعتماد على القارئ الإلكتروني الوسيلة الأنسب لطبيعة
العصر الراهن، فبدلا من الذهاب إلى المكتبات والبحث بين أرففها على ما هو
جديد وجذاب، أصبح من الأسهل زيارة المتاجر الإلكترونية واقتناء الكتب
المفضلة والدفع بواسطة بطاقات الائتمان. تتفوق المكتبات الإلكترونية عن
المكتبات التقليدية في إتاحتها معظم النسخ نادرة التواجد في المكتبات
التقليدية، فمن السهل أن يجد المراهق سلسلة "هاري بوتر" أو "ملحمة الشفق"
أو "سجلات نارنيا" بأكملها على إحدى المكتبات الرقمية ولا يجدها كاملة في
المكتبات التقليدية.
تتزايد الإصدارات الجديدة لأجهزة القارئ الإلكتروني وتنخفض أسعارها في
الأسواق، الأمر الذي أدى إلى تزايد الإقبال الجماهيري عليها، خاصة بين
جمهور المراهقين ممن فُتحت شهيتهم للقراءة بفضل ما تقدمه من وسائل مبتكرة
تقضي على روح الملل التي قد تصاحب الأساليب التقليدية للقراءة. ووفقا
لتحقيق أعدته إحدى الصحف الأمريكية الشهيرة، فإن أكثر نوعيات الكتب جذبا
للمراهقين هي الكتب الرومانسية وكتب المغامرات والروايات العاطفية، ونظرا
لضعف الرقابة المفروضة على المكتبات الإلكترونية وما تقدمه من محتويات قد
تخل بالمعايير الأخلاقية المتعارف عليها والتي تلتزم بها الكتب التقليدية،
فإن ذلك قد أسهم في مضاعفة الإقبال على الكتب الإلكترونية وما تحويه من
مواد تحمل طابعا إباحيا في بعض الأحيان، ولعل في ذلك ما يفتح المجال لتناول
سلبيات القارئ الإلكتروني.
ورغم ما يقدمه القارئ الإلكتروني من مزايا أسهمت في انتشاره مؤخرا،
يحتوى هذا الطراز من الأجهزة على قدر هائل من العيوب، من أبرزها التغيير
المستمر في تقنياته واحتياجه المستمر إلى تعديلات، وقصر عمره وسهولة تعرضه
للتلف أو السرقة، بالإضافة إلى تعرضه للقرصنة الإلكترونية.
من الصعب التأكيد على أن القارئ الإلكتروني سيحل محل الكتاب الورقي في
المستقبل، ولكن من المؤكد أن كليهما وسيلة للاطلاع ولكل منهما جمهوره،
وبدلا من توسيع استخدام أحدهما على حساب الآخر، من الأفضل الاستعانة
بكليهما على حسب الحاجة.